تنظيم مواقف السيارات- حلول أم مشاحنات في شوارعنا؟

المؤلف: عقل العقل09.08.2025
تنظيم مواقف السيارات- حلول أم مشاحنات في شوارعنا؟

إن المدن الكبرى في بلادنا، وبشكل خاص، تواجه تحديات جمة فيما يتعلق بتنظيم حركة المرور في شوارعها، وذلك دون التسبب في إزعاج قاطني الأحياء المجاورة للشوارع التجارية الصاخبة. هذه الشوارع تعج بالمحلات التجارية المتنوعة، والتي تمارس أنشطتها لساعات طويلة، وخاصة خلال الفترة المسائية، مثل المقاهي والمطاعم، بالإضافة إلى بعض المحلات التجارية الأخرى التي تبقى مفتوحة حتى وقت متأخر من الليل. هذا الازدحام المروري المتفاقم يؤثر سلبًا على صحة وراحة سكان المدينة وزوارها على حد سواء. ومع ظهور مبادرات من قبل بعض الجهات المحلية، وخاصة في أمانات المدن، لإيجاد حلول مبتكرة لمشكلة مواقف السيارات في بعض الشوارع التجارية والأحياء السكنية، تم تطبيق نظام المواقف مدفوعة الأجر والمحددة المدة في بعض الشوارع الحيوية. وقد بدأت هذه التجربة في مدننا منذ فترة، حيث تم تطبيقها في جدة ومكة المكرمة وبريدة، ومؤخرًا في العاصمة الرياض. يبقى السؤال: هل هذا التنظيم فعال ومفيد؟ الإجابة على هذا السؤال متروكة للتجربة وتقييم أهداف المشروع. لقد أوكلت الأمانات مهمة تطبيق هذا النظام لشركات خاصة، ولا شك لدي أن المستثمرين الذين يقفون وراء هذه الشركات يسعون إلى تحقيق الأرباح واستعادة الأموال التي استثمروها في هذا التنظيم، من خلال تركيب العدادات في المحلات وتطبيقات الدفع الإلكتروني، بالإضافة إلى توفير سيارات تجوب الشوارع كل بضع دقائق لمراقبة المركبات والتحقق من قيام أصحابها بالدفع. هؤلاء المراقبون يخوضون سباقًا محمومًا مع أصحاب السيارات، الذين يسارعون إلى الدفع قبل انتهاء المهلة المتاحة لهم، والتي تصل إلى 15 دقيقة أو أكثر، تجنبًا لتحرير مخالفة عدم الدفع. قد يبدو التنظير بهذا النظام جميلًا، ولكن الواقع يشير إلى وجود خلافات ومناوشات بين أصحاب السيارات والمراقبين. فالبعض يعتقد أن المراقبين يتربصون بهم ويحررون المخالفات بشكل تعسفي. أعتقد أن الوضع الحالي يحتاج إلى آلية أكثر ملاءمة وفعالية. فلماذا لا تقوم شركات المواقف بتركيب كاميرات في تلك الشوارع لرصد وتوثيق أوقات توقف المركبات؟ يمكن أيضًا تطوير نظام آلي لإصدار المخالفات دون تدخل بشري، مما يقلل من الاحتكاك والشكاوى. إن الطريقة التي تعمل بها سيارات هذه الشركات حاليًا تبدو مستفزة لأصحاب السيارات، وكأنها تخوض معهم لعبة غير مجدية. ويرى البعض الآخر أن هذا النظام قد ينجح في إعادة تنظيم شوارعنا وإنهاء حالة الفوضى التي تعيشها، وما يترتب على ذلك من مخاطر على المارة والسائقين على حد سواء. وتؤكد الأمانات في تصريحات مسؤوليها أن أهم أهداف هذا المشروع هو تحسين جودة الحياة في المدن وحماية سكان الأحياء المجاورة للشوارع التجارية من تسرب السيارات إلى الشوارع السكنية. آمل أن أكون مخطئًا في بعض مخاوفي بشأن هذا النظام. وعلى الجانب الآخر، هناك شكاوى متزايدة من أصحاب المحلات التجارية بسبب عزوف المتسوقين عن محلاتهم، وذلك بسبب وجود عدادات المواقف أمام المحلات. يفضل بعض المتسوقين الذهاب إلى محلات أخرى، حتى لو كانت أبعد، ولكن لا توجد فيها عدادات للمواقف، وذلك لتجنب المخالفات المحتملة في المناطق التي يطبق فيها نظام المواقف مدفوعة الأجر. أتذكر في بعض المدن الأمريكية والكندية، على سبيل المثال، وجود عدادات في بعض الشوارع، بالإضافة إلى أماكن مخصصة لإدارة المواقف من قبل أفراد أو شركات كبديل للعدادات، وعادة ما تكون هذه المواقف الخاصة مزدحمة. هذه الفكرة تبدو معقولة، وأسعارها مناسبة مقارنة بالوقوف في الشارع مباشرة. وأعتقد أن أمانة الرياض قد أصدرت تنظيمًا للاستثمار العقاري في المواقف، سواء على شكل طوابق ذكية أو قطع أراض تصل مساحتها إلى 500 متر مربع على الأقل. وفي حال تفعيل هذه الأفكار، قد تتوفر خيارات أخرى أمام سكان وزوار مدننا ومركباتهم، مما يوفر لهم الراحة والعدالة في الحصول على مواقف مناسبة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة